الموقع الرسمي لقسم رعاية وتنمية الطفولة الحسينية




الرئيسية » القصص

الوزير الحكيم

  • 18 / كانون الثاني / 2010 م
  • 4742
العمة هدى: كان في قديم الزمان ملك يهوى الصيد وكان يصطحب معه وزيره الذي يتمتع بالحكمة وصفة التفاؤل في رحلاته وتجواله وعند التوجه للصيد ايضاً وعندما يتعرض الملك لموقف صعب أو تَحّلُ عليه مصيبة أو تصادفه مشكلة فكان الوزير يُهدَّىء عليه الموقف والحالة التي يَمرُ بها الملك ويقول له (( خيراً ان شاء الله )، وفي أحد الأيام تعرّض الملك الى حادث فقد على أثره أحد أصابع يده اليسرى وكان الألم الذي أصابه شديداً وانتابه حزناً كبيراً لفقده أحد أعضاء جسمه فأدار بنظره الى وزيره منتظراً منه أن يرشده ماذا عليه ان يفعل. فاطمة: وهل ان الحادث الذي وقع للملك كان بسبب تصرّف أو نصيحة خاطئة صدرت من وزيره؟ العمة هدى: كلا يا عزيزتي السبب كان مرور الملك وهو راكب فرسه من قرب شجرة كبيرة أثناء رحلة الصيد فارتطمت يده بإحدى أغصانها السميكة وأدى إلى تهشم عظام إصبعه ومن ثم اضطر إلى بتر الإصبع. نور الهدى: لعل الوزير قد طلب من الملك الصبر وتحمّل الألم وقال له (( خيراً ان شاء الله))؟ العمة هدى: بالضبط هذا ما حصل وعلى أثر ذلك استشاط الملك غضباً وأمر بحبس الوزير فقال الوزير(( خيراً إن شاء الله)). زهراء: وهل بقي الوزير مدة طويلة في الحبس؟ العمة هدى: بعد مرور أسبوعين توجه الملك برحلة صيد جديدة واصطحب معه عدداً من المستشارين والجنود والخدم كما هو الحال في كل مرة ولكن هذه المرة كان الوزير في الحبس ولم يكن معهم، وحصل أن شاهد الملك مجموعة من الغزلان تسير بين الأشجار فلحقها الملك والمجموعة التي معه يميناً وشمالاً فهربت وتفرقت واستمر الملك يلاحقها وهو راكب فرسه إلى أن ابتعد ولم يستطع أحد من جماعته اللحاق به ومرافقته. مريم: وهل استطاع الملك أن يصطاد إحدى الغزلان. العمة هدى: استمر الملك بمفرده بملاحقة إحدى الغزلان وابتعد كثيراً الى منطقة خارج حدود مملكته وإذا به يجد نفسه محاطاً بعدد من الرجال والفرسان وقاموا بإلقاء القبض عليه واقتادوه إلى زعيم قبيلتهم حيث كانوا قد أقاموا احتفالاً ومن ضمن مراسم الاحتفال وحسب معتقداتهم تقديم قربان إلى آلهتهم التي يعبدونها وذلك من خلال ذبح أول شخص يعثرون عليه من خارج القبيلة. رقية: هذه معتقدات سيئة وخاطئة. العمة هدى: شرعوا بتقيده بالحبال تمهيداً لذبحه وأثناء ذلك شاهد احدهم ان أصبع الملك مقطوعاً فأخبر زعيم القبيلة بذلك فأمر بعدم تنفيذ الذبح وفك قيوده وإطلاق سراحه حيث أنهم يعتقدون أنه يجب ان يكون القربان المقدم للآلهة التي يعبدونها متكامل الأعضاء وحيث ان إصبعه مقطوع فهو لا يصلح كقربان. إيمان: وماذا حصل بعد ذلك؟ العمة هدى: عاد الملك مسرعاً من حيث أتى بعد أن سلموه فرسه وكان مرافقيه  لا زالوا يواصلون البحث عنه حتى عثروا عليه وعادوا مسرعين مع الملك الى قصره فأمر الملك بإحضار وزيره الذي لا زال في الحبس ثم ذكر له ما حدث فقال الوزير (( خيراً ان شاء الله )) فقال الملك للوزير إتضح لي أن إصبعي المقطوع كان سبباً لنجاتي من القتل وهذا فعلاً هو خير ولكن اخبري كيف كان موضوع حبسك طيلة هذه المدة خيراً فأجابه الوزير يا حضرة الملك المعظم لو أنني لم يتم حبسي لكنتُ معك مرافقاً حيث اني لم أبتعد عنك مطلقاً مهما كانت الظروف وسيكون مصيري أن يُلقى القبض عليك وعليّ وسيكون قتلي وذبحي على يد زعيم القبيلة لأن أعضاء جسمي متكاملة ولا يوجد أصبع مقطوع عندي فأذن كان الحبس خيراً لي. فأجابه الملك: أحسنت يا وزيري الحكيم وسأحاول أن أكون مثلك متفائلاً وأتحمل الآلام والمصائب فهذه صفة من صفات المؤمنين.